کتاب الهبة

کتاب الهبة

کتاب الهبة

و هى تمليک عين مجانا و من غير عوض ، و هذا هو المعنى الاعم منها و أما المصطلح فى مقابل أخواتها فيحتاج إلى قيود مخرجة ، و الامر سهل . و قد يعبر عنها بالعطية و النحلة ، و هى عقد يفتقر إلى إيجاب بکل لفظ دل على المقصود مثل وهبتک أو ملکتک أو هذا لک و نحو ذلک ، و قبول بما دل على الرضا ، و لا يعتبر فيه العربية ، و الاقوى وقوعها بالمعاطاة بتسليم العين و تسلمها بعنوانها .

مسألة 1 :

يشترط فى کل من الواهب و الموهوب له القابل البلوغ و العقل و القصد و الاختيار ، نعم يصح قبول الولى عن المولى عليه الموهوب له ، و فى الموهوب له أن يکون قابلا لتملک العين الموهوبة ، فلا تصح هبة المصحف للکافر ، و فى الواهب کونه مالکا لها ، فلا تصح هبة مال الغير إلا بإذنه أو إجازته ، و عدم الحجر عليه بسفه أو فلس ، و تصح من المريض بمرض الموت و إن زاد على الثلث .

مسألة 2 :

يشترط فى الموهوب أن يکون غنيا ، فلا تصح هبة المنافع و أما الدين فإن کانت لمن عليه الحق صحت بلا إشکال ، و يعتبر فيها القبول على الاقوى ، و أفادت فائدة الابراء و ليست به ، فإنها تمليک يحتاج إلى القبول و يترتب عليها السقوط و هو إسقاط لما فى الذمة ، و أن کانت لغير من عليه الحق فالاقوى صحتها أيضا ، و يکون قبض الموهوب بقبض مصداقه .

مسألة 3 :

يشترط فى صحة الهبة قبض الموهوب له و لو فى غير مجلس العقد ، و يشترط فى صحة القبض کونه بإذن الواهب على الاحوط ، نعم لو وهب ما کان فى يد الموهوب له صح ، و لا يحتاج إلى قبض جديد و لا مضى زمان يمکن فيه القبض ، و کذا لو کان الواهب وليا على الموهوب له کالاب و الجد للولد الصغير و قد وهبه ما فى يده صح ، و إن کان الاحوط أن يقصد القبض عنه بعد الهبة ، و لو وهبه غير الولى فلابد من القبض ، و يتولاه الولى .

مسألة 4 :

القبض فى الهبة کالقبض فى البيع ، و هو فى غير المنقول کالدار و البستان التخلية برفع يده عنه و رفع المنافيات بحيث يصير تحت استيلائه ، و فى المنقول الاستيلاء و الاستقلال عليه باليد أو ما هو بمنزلته کوضعه فى حجره مثلا .

مسألة 5 :

يجوز هبة المشاع لامکان قبضه و لو بقبض المجموع بإذن الشريک أو بتوکيل المتهب إياه فى قبض الحصة الموهوبة عنه ، بل الظاهر تحقق القبض الذي هو شرط الصحة فى المشاع باستيلاء المتهب عليه من دون إذن الشريک أيضا ، و يترتب عليه الاثر و إن کان تعديا بالنسبة إليه فى بعض الصور .

مسألة 6 :

لا تعتبر الفورية فى القبض و لا کونه فى مجلس العقد ، فيجوز فيه التراخى عن العقد و لو بزمان کثير ، و لو تراخى يحصل الانتقال من حينه ، فالنماء السابق على القبض للواهب .

مسألة 7 :

لو مات الواهب بعد العقد و قبل القبض بطل العقد و انتقل الموهوب إلى ورثته ، و لا يقومون مقامه فى الاقباض ، و کذا لو مات الموهوب له بطل ، و لا يقومون ورثته مقامه فى القبض .

مسألة 8 :

إذا تمت الهبة بالقبض فإن کانت لذي رحم أبا کان أو أما أو ولدا أو غيرهم لم يکن للواهب الرجوع فيها ما دامت العين باقية ، فإن تلفت کلا أو بعضا بحيث يصدق معه عدم قيام العين بعينها عرفا فلا رجوع ، و الاقوى أن الزوج و الزوجة بحکم الاجنبى ، و الاحوط عدم الرجوع فى هبتهما للاخر ، و کذا لا رجوع أن عوض المتهب عنها و لو کان يسيرا ، من غير فرق بين ما کان إعطاء العوض لاجل اشتراطه فى الهبة و بين غيره ، بأن أطلق العقد لکن المتهب أثاب الواهب و أعطاه العوض ، و کذا لا رجوع فيها لو قصد الواهب فيها القربة إلى الله تعالى .

مسألة 9 :

يلحق بالتلف التصرف الناقل کالبيع و الهبة ، أو المغير للعين بحيث يصدق معه عدم قيام العين بعينها ، کالحنطة يطحنها و الدقيق يخبزه و الثوب يفصله أو يصبغه و نحوها ، دون غير المغير ، کالثوب يلبسه و الفراش يفرشه و الدابة يرکبها أو يعلفها أو يسقيها و نحوها ، و من الاول على الظاهر الامتزاج الرافع للامتياز ، و من الثانى قصارة الثوب .

مسألة 10 :

فيما جاز للواهب الرجوع فى هبته لا فرق بين الکل و البعض ، فلو وهب شيئين لاجنبى بعقد واحد يجوز له الرجوع فى أحدهما بل لو وهبه شيئا واحدا يجوز له الرجوع فى بعضه مشاعا أو مفروزا .

مسألة 11 :

الهبة أما معوضة أو غير معوضة ، فالمراد بالاولى ما شرط فيها الثواب و العوض و إن لم يعط العوض أو عوض عنها و إن لم يشترط فيها العوض .

مسألة 12 :

لو وهب و أطلق لم يلزم على المتهب إعطاء الثواب و العوض ، سواء کانت من الادنى للاعلى أو العکس أو من المساوي للمساوي و إن کان الاولى بل الاحوط فى الصورة الاولى إعطاؤه ، و لو أعطى العوض لم يجب على الواهب قبوله ، و إن قبل و أخذ لزمت الهبة و لم يکن لواحد منهما الرجوع فيما أعطاه .

مسألة 13 :

لو اشترط الواهب فى هبته على المتهب إعطاء العوض بأن يهبه شيئا مکافأة و ثوابا لهبته و وقع منه القبول على ما اشترط و قبض الموهوب يتخير بين رد الهبة و دفع العوض ، و الاحوط دفعه ، فإن دفع لزمت الهبة الاولى على الواهب ، و إلا فله الرجوع فيها .

مسألة 14 :

لو عين العوض فى الهبة المشروطة فيها العوض تعين ، و يلزم على المتهب على فرض عدم رد أصل الهبة بذل ما عين ، و لو أطلق بأن شرط عليه أن يثيب و يعوض و لم يعين العوض فإن اتفقا على قدر فذاک و إلا فالاحوط أن يعوض مقدار الموهوب مثلا أو قيمة ، و أحوط منه تعويضه بأکثر خصوصا إذا کان الواهب أدنى من الموهوب له .

مسألة 15 :

الظاهر أنه لا يعتبر فى الهبة المشروط فيها العوض أن يکون التعويض المشروط بعنوان الهبة بأن يشترط على المتهب أن يهبه شيئا ، بل يجوز أن يکون بعنوان الصلح عن شى‌ء بأن يشترط عليه أن يصالحه عن مال أو حق ، فإذا صالحه عنه و تحقق منه القبول فقد عوضه ، و لم يکن له الرجوع فى هبته ، و کذا يجوز أن يکون إبراء من حق أو إيقاع عمل له کخياطة ثوبه أو صياغة خاتمه و نحو ذلک ، فإذا أبرأه منه أو عمل له فقد عوضه .

مسألة 16 :

لو رجع الواهب فى هبته فيما جاز له و کان فى الموهوب نماء منفصل حدث بعد العقد و القبض کالثمرة و الحمل و الولد و اللبن فى الضرع کان من مال المتهب ، و لا يرجع إلى الواهب ، بخلاف المتصل کالسمن ، فإنه يرجع إليه ، و يحتمل أن يکون ذلک مانعا عن الرجوع ، لعدم کون الموهوب معه قائما بعينه ، بل لا يخلو من قوة ، بل الظاهر أن حصول الثمرة و الحمل و الولد أيضا من ذلک ، فلا يجوز معها الرجوع ، نعم اللبن فى الضرع و أجرة البيت و الحمام سيما أجرة المثل لو غصبهما غاصب ليست منه فتکون بعد الرجوع للمتهب .

مسألة 17 :

لو مات الواهب بعد إقباض الموهوب لزمت الهبة و إن کانت لاجنبى و لم تکن معوضة ، و ليس لورثته الرجوع ، و کذلک لو مات الموهوب له فينتقل الموهوب إلى ورثته انتقالا لازما .

مسألة 18 :

لو باع الواهب العين الموهوبة فإن کانت الهبة لازمة بأن کانت لذي رحم أو معوضة أو قصد بها القربة أو خرجت العين عن کونها قائمة بعينها يقع البيع فضوليا ، فإن أجاز المتهب صح ، و إن کانت غير لازمة فالظاهر صحة البيع و وقوعه من الواهب و کان رجوعا فى الهبة ، هذا إذا کان ملتفتا إلى هبته ، و إلا ففى کونه رجوعا قهرا تأمل و إشکال فلا يترک الاحتياط .

مسألة 19 :

الرجوع أما بالقول کأن يقول : رجعت و ما يفيد معناه ، و أما بالفعل کاسترداد العين و أخذها من يد المتهب ، و من ذلک بيعها بل و إجارتها و رهنها إن کان بقصد الرجوع .

مسألة 20 :

لا يشترط فى الرجوع اطلاع المتهب ، فلو أنشأه من غير اطلاعه صح .

مسألة 21 :

يستحب العطية للارحام الذين أمر الله تعالى أکيدا بصلتهم و نهى شديدا عن قطيعتهم ، فعن مولانا الباقر عليه السلام قال : " فى کتاب على عليه السلام ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن : البغى و قطيعة الرحم و اليمين الکاذبة يبارز بها الله ، و إن أجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم ، و إن القوم ليکونون فجارا فيتواصلون فتنمى أموالهم و يثرون ، و إن اليمين الکاذبة و قطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها و تنقلان الرحم ، و أن نقل الرحم انقطاع النسل " و أولى بذلک الوالدان اللذان أمر الله تعالى ببرهما ، فعن أبى عبد الله عليه السلام " إن رجلا أتى النبى صلى الله عليه و آله و قال : أوصنى ، قال : لا تشرک بالله شيئا و إن أحرقت بالنار و عذبت إلا و قلبک مطمئن بالايمان ، و والديک فأطعهما و برهما حيين کانا أو ميتين ، و إن أمراک أن تخرج من أهلک و مالک فافعل ، فإن ذلک من الايمان " و أولى من الکل الام التى يتأکد برها و صلتها أزيد من الاب ، فعن الصادق عليه السلام " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه و آله فقال : يا رسول الله من أبر ؟ قال : أمک ، قال : ثم إلى من ؟ قال : أمک ، قال ثم من ؟ قال : أمک قال : ثم من ؟ قال‌

: أباک " و الاخبار فى هذه المعانى کثيرة فلتطلب من مظانها .

مسألة 22 :

يجوز تفضيل بعض الاولاد على بعض فى العطية على کراهية ، و ربما يحرم إذا کان سببا لاثارة الفتنة و الشحناء و البغضاء المؤدية إلى الفساد ، کما إنه ربما يرجح فيما إذا يؤمن من الفساد و يکون لبعضهم خصوصية موجبة لاولوية رعايته .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى السبب‌

No image

القول فى واجبات الغسل

No image

القول فى الشروط

No image

خاتمة

No image

القول فى التعقیب‌

Powered by TayaCMS